الإمام الحاكم بأمر الله والحقيقة المغيبة


ما هي الحقيقة ؟ أو بالأحرى، كيف نصل إلى الحقائق في ظل هذا الركام الذي خلفه المدونون والمؤرخون الذين تحكمهم العصبيات المذهبية والولاءات السياسية فأدخلوا الناس في دهاليز التضليل والخديعة حتى ضاعوا في متاهاتها قرون عديدة في تيه التدليس والضلال.
ما الحل ؟ وما هي الطريقة المثلى للانعتاق من هذه القيود التي كبلت أعناق الناس بسلاسل التضليل وقيود التعتيم؟
الحل كالآتي:
أن تملك العزيمة القوية والقلب المخلص والتجرد التام من كل أحكام مسبقة ومن كل هوى وتوجه فكري أحادي وأن تُخضع كل معلومة أو حقبة تاريخية أو حادثة أو رواية تحت مجهر التنقيب والبحث الجاد الصادق الذي يستند إلى عقيدة راسخة تؤمن بالحق وتهدف للوصول إلى الحقيقة المجردة الصافية مهما كلف الأمر من صعوبة و مشاق وعنت. دافعك الإخلاص والقلب الناصح والعقل المتقد الذي يشعل جذوة الحماس للوصول لأسمى القيم وهي الحق والعدل والإنصاف.
وأول خطوة يجب أن تقوم بها هي تنحية عواطفك جانبا وتكسير الأصنام الفكرية بفأس العدالة والرغبة الصادقة الجادة لتعديل ما يمكن تعديله فكريا على المستوى الفردي على أقل تقدير.
وكما قال الشاعر:
متى تملك القلب الذكي وصارما :: وأنفا حميا تجتنبك المظالم
وحقيقة أن المناهج التي نشأ عليها المجتمع في المتاعس (من الظلم تسميتها مدارس) وكذاك اجترار المعلومات المغلوطة المشوهة على مدى قرون متصلة هي السبب الرئيس في بناء اللات والعزى الفكرية حتى أصبح القوم يطوفون حولها عاكفين وقد نبذوا الحقائق خلفهم ظهريا.
وليس أدل على قولنا هذا من الظلم والتشويه الذي لحق بالدولة الفاطمية العظيمة جراء هذا التدليس والتضليل والتعمية المتواصلة المتصلة حتى يومنا هذا. وليس هناك شخصية تعرضت للبهتان والظلم والاعتداء كشخصية الخليفة الفاطمي سيدنا الحاكم بأمر الله عليه السلام لم يتركوا واردة من سقط الكلام و لا شاردة من مستهجن الاتهام إلا ووصفوه بها.
فقالوا عنه مجنون وقاتل وساحر ومتناقض يأمر بشيء ثم يأتي بنقيضه تماما، وأنه كان معطلا لأحكام الإسلام ومختلط في عقله وغيره من الكلام الباطل حتى وصل بهم الفجور بالقول أنه ادعى الإلوهية والعياذ بالله. والذي يطلع على شخصية الحاكم ويقرأ سيرته يعرف تماما أنها أقوال باطلة واتهامات لا أساس لها من الصحة من أهل المجون والخلاعة والساسة الذين تضرروا من إصلاحات الحاكم العظيمة وثورته على الفساد والمفسدين الذين عاثوا فسادا في البلاد والعباد وكذلك إخماده للثورات الداخلية وقضائه على الخوارج والخونة وجهاده ضد الروم الصليبيين الذين دوخ جيوشهم.
وبداية سنعرض بشكل موجز ترجمة هذا الإمام والمصلح العظيم الذي ظلمه أزلام السلطة من أصحاب الأهواء والميول العباسية السلطوية.
ولد الحاكم بأمر الله(الحسن أبو علي المنصور) عليه السلام في ربيع الأول سنة ٣٧٥هجرية في القاهرة، ونشأ في حجر أبيه الإمام العزيز بالله عليه السلام حيث كان أعظم شخصية في زمانه من حيث علمه ومكانته وفكره وتسامحه مع المخالفين وكان عهده عهد رخاء وسعة وتسامح، وكان شخصية مدهشة حتى أصبح مضربا للأمثال في ثقافته وسعة أفقه وامتلاكه لنواصي الفكر والثقافة والأدب، والشخصية الحازمة وقدراته العسكرية، وعدة جوانب مذهلة من شخصيته العظيمة بشهادة الخصوم والأعداء قبل الموالين يقول إبن خلكان في وفيات الأعيان يمدح العزيز بالله على عفوه عن أفتكين الخائن الجزء٢، ما نصه:
(ومما يدل على عفوه وحلمه فعله بأفتكين التركي حين ظفر له).
و ابن خلكان هو ألد خصوم الفاطميين وأكثرهم عداءً ولكن الحقيقة تبقى ناصعة خلابة تشق عباب الظلام وأستار الظلاميين، فأخذ سيدنا العزيز يعد ابنه الحاكم أعظم إعداد لتوليته الأمر من بعده وتسليمه مقاليد الأمور فنص عليه أمام الدعاة والحجج وكبار رجال الدولة والعلماء بعد أن أودع فيه كل القيم الراقية والعلوم السامية العالية. 
فحسبك أن ينشأ الإنسان في حجر العزيز بالله فالنتيجة لابد أن تكون عظيمة ومذهلة ومدهشة، وتولى الحاكم بأمر الله بعد أن توفي الإمام العزيز عليهم السلام سنة ٣٨٦ هجرية وهو ببلبيس بعد أن جمع الجيوش والعساكر لكي يستخلص بغداد من براثن الفساد والظلم وبعد أن تسلط العجم على العرب وضيع العباسيون الدين واستبدلوه بالمجون والملذات والمذاهب الدخيلة والبدع وبعد أن سيطر العجم على كل شيء وأفسدوا بغداد بالهرج والمرج والدسائس وضاعت حقوق البشر، ولكن قدر الله وما شاء فعل وانتقل العزيز بالله عليه السلام قبل أن يكمل المهمة.
والآن يجب أن نعرف الظروف الصعبة التي أحاطت بسيدنا الحاكم، وقد تولى الحاكم بأمر الله الأمور، ولكنه اصطدم في البداية بشخصيتين من أفسد وأشرس وأكثر الشخصيات نفوذا في الدولة في ذلك الوقت وهما الحسن بن عمار الكتامي والخادم برجوان الصقلبي، حيث استغلا حلم الإمام الحاكم معهما وصبره، وقد حاول أن يلين الخطاب لهما وينصحهما تفاديا لحرب أهلية قد تعصف بالبلاد فمازادهما إلا تعنتا ونكرانا وتصلبا، وقد حاولا الإستفراد بالسلطة دون الإمام الفعلي وأدى صراعهم على النفوذ فيما بينهما إلى اضطراب أحوال الدولة وانتشار الفساد واختلال الاقتصاد بسبب النهب المتواصل لثروات البلد، حيث قدرت المصادر التاريخية ثروة برجوان لوحده بأكثر من مائتي مليون دينار ذهب وخمسين اردبا من الدراهم والفضة واثني عشر صندوقا من الجواهر والحلي عدا الأراضي الشاسعة وإسطبلات الخيل والبقر والأنعام والخدم، ولحق الدولة الضرر الكبير جراء عصيانهم وتمردهم على إمامهم الذي ضاق ذرعا بتصرفاتهم وفسادهم، حتى استطاع التخلص منهم بعد جهد جهيد عبر خادمه الأمين زيدان والموالين المخلصين من أهل الصلاح فقضوا على هذين الشيطانين، وصادر الإمام الحاكم بأمر الله جميع ما نهبوه من أموال الدولة والمستضعفين المساكين الذين كانوا يفرضون عليهم المكوس والضرائب.
وقد فرح الناس بهذا الخبر لما كانوا يلقونه من ظلم وجور وعنت من برحوان وابن عمار، وأخذ يوزع الأموال على عامة الشعب دون حساب حيث كان الحاكم عليه السلام مشهورا بالسخاء والكرم الشديد للدرجة التي تجعله يخرج بنفسه والأموال معه ويوزعها على الفقراء وبسطاء الناس بنفسه، وقام أيضا بإنشاء ديوان (المنفرد) وهو من أعظم الدواوين الذي يعد بحق مفخرة تجعل الإنسان يترنم إعجابا بهذا الفكر حيث كان النظام ينص على أن تصادر الأموال من الأغنياء والتجار الخارجين على الشريعة والقانون وترد إلى الديوان لصرفها للمستضعفين من الرعية وأصدر أيضا نظاما جديدا يتم بموجبه توزيع الأموال والهبات والعطايا على الفقراء والمساكين سنة ٤٠٣ وقد انتعشت أحوال الناس وتحسنت أوضاعهم المعيشية وارتفع دخل الفرد وقفز إلى معدلات عالية مما حدا بصاحب منصب أمين الأمناء حسين بن طاهر الوزان أن يمتنع عن الصرف بسبب كثرة الذين يستفيدون خوفا على الميزانية، فكتب إليه الإمام الحاكم هذا الرسالة الإنسانية الخالدة بخطه وقال ؛
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله كما هو أهله
أصبحت لا أرجو ولا أتقي
إلا إلهي وله الفضلُ
جدي النبي وإمامي أبي
وديني الإخلاص والعدلُ
المال مال الله عز وجل ، والخلق عباد الله ، ونحن أمناء في الأرض ، أطلق أرزاق الناس ولا تقطعها
والسلام 
ورد هذا النص أيضا في خطط المقريزي وتاريخ الأنطاكي، وقد كان لا يحب أن تتكدس الأموال وتملأ الخزائن دون أن يتنعم بها الناس والمستحقين من الفقراء كما يفعل باقي الملوك بل إنه كان يجلس للعامة والبسطاء ويعطيهم الأموال ويوزعها عليهم بنفسه حيث كانت نفسه العظيمة تتوق إلى التواضع والسخاء وكان عطوفا رحميا ويتسم بشمائل لم يتصف بها أحد مثله لدرجة أنه كان يوزع حتى الكساء فيأتيه الفقراء من كل حدب ينسلون حتى عرف ما يسمى بطراز العامة.
وقد ذكر المؤرخ والداعي الإسماعيلي المطلق إدريس عماد الدين القرشي في عيون الأخبار في السبع السادس ص٢٥١ مانصه:
"وكان اعتماده عليه السلام على التقشف والتزهد مع ما أتاه الله من ملك عظيم وعز ونعيم" وقال في نفس الصفحة: "فلم يمنعه ذلك عن التنكر ولبس الصوف والتردد من مسجد إلى مسجد ليلا نهارا ومن منارة إلى منارة وفرق الأموال وهانت عنده فكان يعطيها الفقراء والمساكين وينعم على كل من طلبه ولم يرد سائلا سأله ولا يخيب أملاً أمله"
وبعد أن استتب الأمر بدأ الحاكم بشن معركة من نوع آخر ضد نوع آخر من المفسدين حيث شدد على تحريم بيع الخمور وتهريبها وأغلق مصانعهم ووضع عقوبات صارمة لمن تسول له نفسه مخالفة الأنظمة والقوانين والأوامر وشدد على منع تداول المواد الأولية التي تصنع منها الخمور وحرم تداول العنب على من يستخدمه لصنع الخمر كما منع النساء من التبرج والتسكع والوقوف أمام الحوانيت والحمامات العامة. عملا بقوله تعالى: "ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلٰم رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون "كما حارب مظاهر الفساد الأخلاقي بأنواعه بكل شدة ودون هوادة وقام بعدة إصلاحات من أجل بناء مجتمع إسلامي سوي على أسس أخلاقية قيمية متينة قوية وقد شهد له بذلك حتى ألد الأعداء وأشدهم خصومة من السابقين والمعاصرين.
فيقول الكاتب المعاصر محمد عبدالله عنان في كتابه عن الحاكم ص١٧١
"عمد الحاكم إلى وضع هذه الخطة التي يمكن أن توصف بحق بأنها برنامج للإصلاح الاجتماعي ولجأ إلى تلك القوانين والإجراءات الصارمة كوسيلة لمكافحة هذا الفساد الاجتماعي الشامل وتم تحريم الخمر ومطاردة المدمنين وتحريم الغناء واللهو الخليع إلا ليكون لتقويم أخلاق الشعب وحماية أمواله وصحته من الإسراف والعبث وحماية المجتمع من ضروب الفساد التي نغرق فيها، إن الأمم العظيمة في عصرنا تلجأ في أحيان كثيرة إلى إصدار مثل هذه القوانين لتبث الإصلاح الاجتماعي"، ومحمد عنان معروف بعدائه للفاطميين وللحاكم بالذات ولكنه لم يستطع إخفاء إعجابه بهذه الشخصية والإجراءات الإصلاحية العظيمة، وقد شهد للحاكم في محاربته للفساد الاجتماعي والأخلاقي عدد من المؤرخين عند المخالفين مثل النواواري في كنز الدرر، وكذلك المقريزي في اتعاظ الحنفا وفي الخطط، وكذلك الأنطاكي في تاريخه وغيرهم.
وقد قام الحاكم أيضا بإصلاحات مالية ووضع الخطط الاقتصادية الناجحة لمواجهة موجة القحط والفقر بسبب انحسار ماء النيل والثورات الداخلية والفتن التي عصفت بالبلاد والعباد فانتشرت الأوبئة والقلاقل الاقتصادية فوضع الخطط والإستراتيجيات الناجعة واستطاع انتشال البلد من الانهيار وأنقذ البلد من كارثة إنسانية بسبب حنكته وعقليته الفذة وقد حارب التجار الفاسدين وأصدر الأوامر بمنع احتكار المواد الغذائية لمحاربة الغلاء الفاحش المصطنع الذي يثقل كاهل الفقراء وأصحاب الدخل المحدود ولذلك قام بتقديم الهبات المالية لهم لتساعدهم على مواجهة أعباء الحياة.
"راجع المقريزي اتعاظ الحنفا جزء ٢ ص٦٥ وص ٩٣
صلة تاريخ أوتيجا للأنطاكي جزء ١ ص١٨٥"
وقد استطاع القضاء على الثورات الداخلية وإخمادها بفضل صبره وجلده وشجاعته وثباته كالرواسي أمام هذه القلاقل والحروب الشرسة ولعل أخطر هذه الحروب هي خروج الشيطان الأموي الوليد بن هشام المعروف بأبي ركوة سنة ٣٩٥ هجرية حيث كان يعمل معلما للأولاد واستطاع حشد وتعبئة كل حاقد وفاسد وكل من ينصب العداء للفاطميين من العرب والبربر فأخذ يحتل المدن والقرى وينهب ويخرب ويحرق تحت مسمى نصرة الدين والشريعة وشعارات الخداع والكذب كما تفعل داعش وشياطين الإرهاب في حاضرنا المعاصر ولكن أهل برقة الذين قاوموه بشدة وأرهقوه وصمدوا في وجهه صمود الأبطال ورسخوا رسوخ الجبال على قلة عددهم يدفعهم الإيمان التام وحبهم للحاكم بأمر الله عليه السلام الذي أنصف شعبه وعدل في رعيته بسيرته العطرة ولذلك اشتد غضب أبي ركوة الخارجي الأموي وشدد عليهم الحصار وهم صامدون حتى أرسل الحاكم خادمه البطل ينال على رأس قوة من العسكر لمواجهة أبي ركوة فانسحب من حدود برقة وقام بإرسال مجموعة لخداع ينال ومن معه من الجند لكي يسلكوا طريقا أعد ككمين لهم وظن ينال أنهم ناصحون له ومشفقون وعندما أتى في طريق ضيق هجم أبو ركوة وغدر بهم وثبت ينال ثبات الأبطال وقتل المعاندين والفرسان حتى استشهد في المعركة فعاد أبو ركوة لبرقه وضربها بالمنجنيق حتى هدم أسوارها واستباحها وأباح هتك الأعراض وقتل المسلمين والتمثيل بهم وسبي النساء والأطفال ثم زحف إلى بقية المدن بعد أن خلف على برقة شيطانا همجيا يدعى ابن ماواس الذي مارس أبشع أنواع التعذيب حتى هجرها أهلها بعد أكل بعضهم بعضا فيها وأخذ أبو ركوة اللعين يغزو المدن ويخرب ويسبي ويقتل ويستبيح الأعراض حتى انشق جماعة ممن كانوا يؤيدونه ويكاتبونه وذهبوا للحاكم يستنجدون به من هذا الشيطان بعد أن رأوا من القتل والخراب والدمار ما تشيب له الولدان. )راجع الخطط المقريزية الجزء ٤( فخرج لهم القائد الحسين بن جوهر وسألهم عن طلباتهم فطلبوا المعونة والتوبة وعرضوا المساعدات المالية فكان رد الحاكم عليه السلام عظيما بقوله قل لهم لا حاجة لأمير المؤمنين بأموالكم وأن الله ينصره بنصره ويؤيده وبمعونته يمده. 
وأخرج الحاكم القائد الفذ الفضل بن الحسن بن صالح في جيش عظيم وحتى نختصر على القراء الكرام فقد وبعد معارك شديدة وشرسة استطاع الحاكم هزيمة جيش الشيطان وأتى به الفضل أسيرا مكبلا ذليلا بعد أن حاول الهرب كعادة الجبناء وقد كتب هذه الأبيات يلتمس فيها الصفح من الإمام الحاكم عليه السلام من ضمنها:
فررت فلم يغن الفرار ولم يكن :: مع الله لم يعجزه في الأرض هارب
ووالله ماكان الفرار لحاجة :: سوى فزع الموت الذي أنا شارب
وتم القصاص من هذا المجرم الذي عاث في بلاد المسلمين تقتيلا وسبيا وطغيانا وجرم ( راجع نهاية الأرب جزء ٢٦).
وقد أتى كل من خان وعاون الخارجي أبي ركوة يطلبون السماح ويلتمسون الصفح من الحاكم عليه السلام فعفا عنهم وصفح صفحا جميلا لحبه لشعبه وللتسامح مع رعيته( راجع عيون الأخبار للقرشي السبع السادس ص ٢٧٢(.
وقد كان الحاكم عليه السلام مع شجاعته وذكائه الخارق وحزمه في السياسة وثباته في المحن والقلاقل ومحاربته للفاسدين كان متسامحا أشد التسامح مع المذاهب المخالفة وكان ضد التعصب ولا أدل على ذلك من السجل الذي أصدره في رمضان سنة ٣٩٨ هجرية ليقرأ على جميع الناس لقطع دابر الفتنة وهذا نصه كما ورد في عيون الأخبار للقرشي
"بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله ووليه أبي علي الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين إلى كل حاضر وباد 
أما بعد : فإن أمير المؤمنين يتلو عليكم آية من كتاب الله المبين (لا إكراه في الدين) مضى أمس بما فيه ، وجاء اليوم بما يقتضيه الصلاح والإصلاح بين الناس أصلح والفساد والإفساد بينهم مستقبح إلا من شهد الشهادتين أحق أن لا تنفك له عروة ولا توهن له قوة بحي على خير العمل يؤذن المؤذنون ولا يؤذنون و يخمس المخمسون ويربع المربعون في الصلاة على الجنائز ولا يعترض أهل الرؤية فيما هم عليه صائمون ولا ينشتم السلف ولا يبغي الخالف على من قبله خلف ، تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ، معشر المؤمنين ، نحن الأئمة ، وأنتم الأمة ، عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم ، فينبئكم بما كنتم تعملون 
والحمد لله رب العالمين وصلواته على رسوله سيدنا محمد وآله الأكرمين "
وقد سمح بتدريس المذاهب المختلفة وإقامة الحلقات في المساجد والجامعات للمذاهب السنية والشيعية سواءً بسواء تحت مظلة العدل والإنصاف وفي ظل الدوحة الفاطمية العلوية التي كانت ملاذا للمسلمن والناس كافة بجميع أطيافهم وأعراقهم من كافة أقطار المعمورة.
))ولمن أراد الإستزادة أكثر فقد أثبتنا تسامح الحاكم والفاطميين بالأدلة في هذه المقالة ((http://tl.gd/n_1rsred7
ولا ننسى طبعا عشق الحاكم للعلم وتعميره لدور العلم والمساجد والمستشفيات واهتمامه الشديد ومراقبته اللصيقة لها وقد قام بإحصاء المساجد التي لا ينفق عليها وبلغت ٨٣٠ مسجدا فأمر بالاهتمام بها ورصد المبالغ والنفقات لعمارتها وترميمها وعنايتها بشكل مستمر بل إنه كان يقوم ببذل أمواله الخاصة على الفقراء ودور العلم ويعطي بسخاء بسبب زهده الشديد وعزوفه عن الدنيا وملذاتها.
يقول الكاتب عبدالله عنان في وصفه لزهد الحاكم وتقشفه:
"كان الإمام الحاكم يحتقر الألقاب كما يحتقر متاع هذه الدنيا ، اشتهر بالزهد والورع وأدهش الناس بتصوفه الفلسفي ، اقتصر طعامه على أبسط ماتقتضيه الحياة من القوت المتواضع  "وقد قام الحاكم بإنشاء أعظم صرح حضاري في ذلك الوقت وربما في سائر الأوقات وهي دار الحكمة قل عنها جامعة أو مجمع أو مدينة علمية قل عنها ماشئت فقد كانت أعجوبة من عجائب الدنيا حيث كانت تحوي من الدرر والكنوز واللآلئ العلمية والمؤلفات النادرة مايقرب من مليوني مصنف.
          أشرف عليها أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله عليه السلام ونقل إليها الكتب العظيمة من القصر وخصص لها الميزانيات الضخمة واستقطب علماء الشريعة والفلك والحساب والطبيعة واللغة والطب وكافة التخصصات وأصبحت منارة يستضيء بنورها طلبة العلم من كل مكان حيث أمر بتلبية كافة احتياجاتهم على نفقته الخاصة ومن نفقة الدولة مما هيأ الجو لتقدم الحركة العلمية حيث ظهرت الاختراعات والابتكارات العجيبة واكتشفت الأدوية والعلاجات النافعة مما عاد بالنفع على الناس والإنسانية.
وقد ازهردت حركة التدوين وتطورت العلوم وتقدمت عجلة التنمية والرخاء بفضل حب هذا الإمام للعلم والعلماء.
الملاحظة المدهشة أنه خصص النفقات للعلماء وطلبة العلم لمن يفد إلى دار الحكمة وتوفير كافة سبل الراحة من مسكن وملبس وحتى أدوات الكتابة والتدوين حتى يتفرغ العلماء للعلم تماما.
يقول المقريزي في الخطط "حصل في هذه الدار من خزائن أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله من الكتب التي أمر بحملها في سائر العلوم والآداب والخطوط المنسوبة مالم يَُرَ قبله مجتمعا لأحد قط من الملوك وأباح ذلك كله لسائر الناس على طبقاتهم ممن يؤثر قراءة الكتب والنظر فيها وحضرها الناس على طبقاتهم فمنهم من يحضر لقراءة الكتب والنظر فيها ومنهم من يحضر للنسخ ومنهم من يحضر للتعلم وجعل فيها مايحتاج الناس إليه من الحبر والأقلام والورق والمحابر"
وهذه خدمة عظيمة جليلة للعلم والعلماء لم يشهد لها التاريخ مثيلا. يقول الأنطاكي المؤرخ المسيحي المنصف في تاريخه مانصه:
"  أظهر الحاكم من العدل مالم يسمع به وكان له جود عظيم وعطايا جزيلة وصلات واسعة وكان نصيرا للعلوم والآداب يغدق المنح على الأساتذة ودور العلم ويوزع أمواله الخاصة على المساجد والفقراء "
وأما اعتنائه بالمساجد فقد فاق التوقعات وأدهش النقاد والمؤرخين من اهتمامه الشديد وحرصه على عمارة المساجد وبنائها وترميم القديم منها وتخصيص النفقات لها حتى أصبحت مضربا للأمثال في ترتيبها وجمالها ونظافتها بسبب العناية الشديدة التي أولاها الحاكم تجاهها وقد قام بإكمال بناء جامع الحاكم الذي بدأ العمل فيه في عهد أبيه العزيز عليهما السلام الذي أمر ببنائه وبإشراف وزيره يعقوب بن كلس وافتتحه سيدنا العزيز قبل اكتمال بنائه في عام ٣٨١ هجرية وصلى وخطب فيه الإمام العزيز عليه السلام وسمي جامع الخطبة ثم أمر بإكمال بنائه سيدنا الحاكم بأمر الله واكتمل بنائه في ٤٠١ هجرية وسمي بالجامع الحاكم تيمنا به وهو كذلك يسمى الجامع الأنور، وكان هذا الجامع بمثابة مركز أنوار حضارية تشع منه أنوار العلم والازدهار ومعلما دينيا ينير دروب المؤمنين ويأخذ بيد المتعطشين إلى نهر الشريعة المحمدية الغراء ليروي قلوبهم من حوض العترة الطاهر الأزهر المقدس ناهيك عن تشييده لجامع راشدة حيث كلف عبدالغني بن سعيد وأبي عبدالله النعال ببنائه وأشرف بنفسه عليه والمذهل في الأمر دقته وعبقريته حيث تفوق على المهندسين وأمر بتعديل المحراب لعدم صحته. وأمر ببناء جامع المقس على شاطئ النيل سنة٣٩٣ هجرية كما أورد القلقشندي وكذلك قام بترميم مسجد قديم وأسماه اللؤلؤة وكان لؤلؤةً حقيقية وقد أعجب به المقريزي ووصفه بالحسن وكذلك أمر ببناء مصلى للعيد على سفح جبل المقطم وعدة مساجد اهتم ببنائها وترميمها ولو أردت حصر ماقام به الحاكم من بناء للمساجد والجوامع وتعميرها لاحتجت إلى مجلد مستقل ولن يفي الموضوع حقه وإنما ذكرنا ما سبق على سبيل المثال لا الحصر وقد أمر بإجراء الأرزاق وخصص وقفا للجوامع ووفر المستلزمات والاحتياجات ولم يغفل حتى عن الفرش والعود والبخور الذي يحرق في الجمع والمناسبات الدينية والأعياد كما ذكر المقريزي في الخطط.
فكان حقا كما قال تعالى: "إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخشَ إلا الله فعسى أؤلٰئك أن يكونوا من المهتدين "
))الحاكم وتهمة إدعاء الإلوهية ((
نقولها بكل وضوح وبساطة هذه تهمة باطلة كاذبة لا يقول بها من له أدنى مسكة من علم أو عقل وهي كذبة وفرية من المؤرخين المتعصبين من أزلام السلطة العباسية وأصحاب الهوى الأموي من أمثال البغدادي والباقلاني والذهبي والسيوطي والغزالي وابن خلكان من السابقين ومن المعاصرين مثل عنان وراغب السرجاني والصلاّبي وغيرهم من المدلسين والظلمة الفاجرين الذين خانوا الأمانة وظلموا وافتروا دون إيراد أي برهان أو حجة أو دليل على هذه الكذبة السخيفة المتهافتة.
        فهاهو السيوطي يكشف عن تعصبه المقيت وحمقه وحقده الذي أعمى بصره وبصيرته، فيقدح في نسبهم ويمتنع حتى ذكرهم أو احتسابهم من ضمن من حسب من الحكام والطواغيت من العباسيين وبني أمية الذين هدموا الكعبة واستحلوا المحرمات وكفروا بالله كالوليد بن يزيد الذي مزق القرآن وأراد أن يشرب الخمر فوق الكعبة. فيورد كلاما مرسلا دون دليل في كتابه تاريخ الخلفاء
"ولم أورد أحداً من الخلفاء العبيديين لأن إمامتهم غير صحيحة لأمور، منها: أنهم غير قرشيين وأنما سمتهم بالفاطميين جهلة العوام وإلا فجدهم مجوسي".
 ثم يستشهد بأقوال أمثاله من أزلام السلطة و النواصب على عدم انتساب الفاطميين للدوحة النبوية تماهيا مع الطاغوت العباسي الذي أصدر كتابا يقدح في نسب الفاطميين بعد أن أصبحت دولتهم أعظم وأبهى دولة في تاريخ الأمة حسدا وغلا.
وكانوا كما قال تعالى: "أم يحسدون الناس على ما آتاهم من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما". وقد تعودوا على قطيعهم بأن يأخذوا أقوالهم وأراجيفهم وأباطيلهم دون نقاش ولا إعمال للعقل أو مجرد التفكير بأدنى مراجعة حتى لو قالوا أن السماء تمطر ذهبا فيسيصدقون وينتظرون السماء تساقِط عليهم القناطير المقنطرة من الذهب على رؤوسهم الفارغة.
وهذا مقال http://tl.gd/n_1s0tnmt أوردنا فيه الأدلة القاطعة على صحة نسب الفاطميين بما لا يدع مجالا للشك وبالأدلة والبراهين من كتب المخالفين وأقوالهم وليس بالأراجيف والأباطيل.
وأما افترائهم على الخليفة الإمام الحاكم بأمر الله بأنه ادعى الألوهية فلا يوجد عليها دليل واحد ولا حتى كلمة وإنما هي اتهامات من قبلهم لا يعضدها حجة ولا يسندها بيان ولا يستقر بها قرار.
وكان الأحرى بهم إذا أرادوا أن يوثقوا هذه التهمة أن يأتوا بالأدلة من مصادر ومؤلفات الفاطميين ودعاتهم وعلماء الدعوة هذا هو المنهج الصحيح أما أن يكذبوا الكذبة في مؤلفاتهم ويصدقونها فهذا أكبر دليل على حمقهم وتعصبهم الأرعن ونحن نتحداهم أن يأتوا بعشر دليل أو حتى سطر واحد فقط من مصادر الفاطميين على دعواهم الباطلة ولو بحثوا ألف ألف سنة مما نعد ويعدون" قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين."
بل سنسوق الأدلة القاطعة التي ستلجمكم الآن من كتب الدعاة والعلماء الفاطميين والإسماعيلية حتى تصدي سيدنا أمير المؤمنين الحاكم بأمر عليه السلام للكفار والغلاة والملاحدة الملاعين وقتله له وكل من غلا فيه من أهل البدع والفتن والضلالات كما فعل جده الكرار أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام عندما خرجت فرقة كافرة تدعي إلوهيته فأبادهم وقتلهم بعد أن رفضوا الرجوع عن هذا الكفر العظيم وقال بيته الشهير 
لما رأيت الأمر أمرا منكرا :: حفرت حفيرا وناديت قنبرا

وكما فعل جده الباقر عليه السلام مع المغيرة بن سعيد اللعين وكذلك جده الصادق مع أبي الخطاب المارق الملحد فطردهم الأئمة ولعنوهم وتبرأوا إلى الله من أفعالهم) راجع دعائم الإسلام كتاب الإيمان للقاضي النعمان.
وقد كان زهد الحاكم عليه السلام وتقشفه ولبسه للخشن وعزوفه عن حطام هذه الدنيا الزائلة رغم الثروات والأنهار التي يضمها ملكه وكذلك ماقام به من إنجازات وشخصيته وكرمه وحلمه وشجاعته وإقدامه وصفات عديدة تميز بها دون غيره جعلت بعض المرضى الملاعين المرتكسين يروجون بضائع البدع وسلع الكفر في سوق الإلحاد وتأليه الحاكم بأمر الله عليه السلام فتتبعهم هذا الإمام الزاهد العظيم وأعمل فيهم السيف وقتل منهم الكثير ثم تبرأ من البقية التي هربت ولعنهم ثم احتجب عن الناس وقد قام باستدعاء حجة العراقين سيدنا حميد الدين الكرماني للرد على أهل الزيغ والضلال والإلحاد وقام الكرماني بمقارعتهم وألف الرسائل العظيمة التي أفحمتهم وهدمت مذهبهم بما أو أورده من حجج قاطعة وبراهين جلية على كفرهم وجحودهم وأن الحاكم عليه السلام هو إمام يهتدي به الناس وليس إلٰها ولانبيا مرسلا فيقول الداعي المطلق والمؤرخ الإسماعيلي الكبير إدريس عماد الدين القرشي في كتابه عيون الأخبار السبع السادس يذم أهل هذه العقيدة الإلحادية ويؤكد طرد الحاكم وقتله لهم ووفود حجة العراقين حميد الدين الكرماني لمواجهة أهل الغلو وتغلبه عليهم مانصه:
"وظهرت لأمير المؤمنين عليه السلام الحاكم بأمر الله عليه السلام فضائل لم يسمع بمثلها ودلائل ظاهر بيان فضلها ، ومعجزات بهرت الألباب وآيات لا يشك فيها إلا أهل الزيغ والارتياب ، فغلا فيه من غلا ، وسفل بذلك من حيث ظن أنه علا ووقع في أهل الدعوة والمملكة الإختباط وكثر الزيغ والاختلاط فجرد أمير المؤمنين السيف في الغالين والمقصرين واشتدت الظلمة على الشاكين المتحرمين وأعرض ولي الله عنهم. "
وقال عن وصول حجة العراقين:
" حتى ورد إلى الحضرة الشريفة النبوية الإمامية ووفد إلى الأبواب الزاكية الحاكمية باب الدعوة الذي عنده فصل الخطاب ولسانها الناطق بفضل الجواب والبراهين المضيئة والدلائل الواضحة الجليلة ، مبين سبل المهتدين حجة العراقين أحمد بن عبدالله بن حميد الكرماني قدس الله روحه ورضي عنه ول احرمنا نور بيانه والاقتباس منه مهاجرا عن أوطانه ومحله وواردا كورود الغيث إلى المرعى بعد محله ، فحلّ ببيانه تلك الظلمة المدلهمة وأبان بواضح علمه ونور هديه فضل الأئمة وكان ما وصفه في ترجمة رسالته التي سماها بمباسم البشارات وأقام فيها على فضل الحاكم بأمر الله أوضح الدلالات. "
فهذه النصوص أمامكم نقلناها لكم حرفيا تؤكد على قيام الحاكم بمطاردة الكفار والمبتدعين وأهل الفساد وقتله لمن استطاع الوصول إليه قبل أن يهرب ولم يكتفي بذلك بل قام باستدعاء أكبر الدعاة والحجج وأتى بحجة العراقين حميد الدين الكرماني للرد على من أهل الغلو والتقصير وأهل البدع لكي نقطع دابر القول ممن يفتري على الحاكم بأمر الله عليه السلام بهذه الكذبة الممجوجة ونزيدكم من الشعر بيتا وهذا جزء من رسالة مباسم البشارات للكرماني في الرد على هؤلاء حيث قال:
" وبهرهم ماتجدد لهم من الأسباب التي لايهلك بها إلا أولو النفاق والمعاصي وهم يومئذٍ يموج بعضهم في بعض ويرمي كل واحد منهم صاحبه بفسق ونقص تتلاعب بهم الأفكار الردية وتتداولهم الوساوس المردية ثم لايعلمون ماأظلهم من الدخان المبين ولاماألم بهم من الإمتحان المستبين فصار البعض منهم في الغلو مرتقين إلى ذراه !!!
والبعض في النكوص على أعقابهم تاركين عصمة الدين وعراه " انتهى.
ناهيكم عن الرسالة الواعظة التي رد فيها على الضال المبتدع حسن الفرغاني الأجدع بالحجج والبراهين واستعرض الأدلة القاطعة الملجمة المفحمة لهؤلاء الكفرة الفجرة) وبإمكانكم مراجعة الرسالة وهي محققة مطبوعة.(
فهل بعد كل هذه الأدلة تتهمون الحاكم عليه السلام ودعاته وتكذبون وتفترون وما ذنب الحاكم لكي تلصقوا به هذه التهمة السخيفة التي مالبثت أن تهاوت وسقطت أمام صروح البراهين الناصعة والأدلة القاطعة الحاسمة؟ وماذنب سيدنا المسيح عيسى بن مريم عليه السلام بالنصارى الذين ادعوا ألوهيته؟
 قال تعالى: 
"وإذ قال الله ياعيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهٰين من دون الله قال سبحانك مايكون لي أن أقول ماليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمتهُ تعلم مافي نفسي ولاأعلم مافي نفسك إنك أنت علّام الغيوب وماقلتُ لهم إلا ماأمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنتُ عليهم شهيدا مادمتُ فيهم فلما توفيتني كنتَ أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد. "
أما جهاده ضد الروم الصليبيين وأعوانهم من الخونة فيكفيك معركة صور العظيمة عندما ثار في صور شخص يدعى علاّقة وخان الأمانة والعهد واستنجد علاّقة بالإمبراطور الصليبي باسيل الثاني ليمده بالعون ووعده بتسليمه صور فأرسل إليه باسيل الثاني المدد أسطولا في البحر فوجه إليهم الحاكم بأمر الله عليه السلام أسطولا فاطميا بقيادة الحسن بن ناصر الحمداني وفائق الخادم ونشبت معارك ضارية كانت الغلبة فيها للفاطميين بعد أن سحقوا الصليبيين ودخلوا صور منتصرين وأسروا الخائن العميل علاّقة وأعدم في ٣٨٨ هجرية
راجع ابن الأثير الجزء ٩ وابن خلدون الجزء ٤ تاريخ الأنطاكي الجزء ١ )
ورغم وفاته الطبيعية في ٤١١ هجرية بعد أن نص على ابنه الإمام الظاهر لإعزاز دين الله عليهم السلام إلا أن القوم أبوا إلا أن يكذبوا مرة أخرى وأيضا دون دليل فمنهم من قال أن أخته من قتلته ومنهم من قال أنه خرج في إحدى الليالي وقتله مجموعة وأخفوا جثه وغيرها من الأقوال المتناقضة المتضاربة المضطربة التي ينقض بعضها بعضا دون إيراد أي دليل مجرد تخرصات وأهوام وظنون وافتراءات أوهن من بيت العنكبوت وغثاء كغثاء السيل.
حقيقة لاتملك وأنت أمام تاريخ هذا الإمام العظيم إلا أن تقف تعظيما وإجلالا لسيرته العطرة العظيمة التي سطر من خلالها أعظم القيم الإنسانية وكان نبعا إنسانيا ألهم كل من ترنو نفسه للعلى والعظمة والسمو وكان بحق آيةً مبهرةً سلبت الألباب وحيرت الأذهان وأذهلت العقول. سيرة كلها رحمة وبركة ونور وإنجازات وملاحم خالدة سطرها التاريخ بأحرف من نور أنارت دياجير الظلم واخترقت ستار الظلم والظلاميين بعدله وشجاعته وحزمه وصبره وحلمه وتسامحه وجمال خلقِه وخلقِه وحسن تدبيره وإدارته وسيرته التي ستبقى مرجعا كونيا عالميا لكل أمة عظيمة تسعى للتقدم والنمو والإزدهار والسلام. وسيبقى الحاكم عليه السلام حاكما على أسمى القيم الإنسانية ورمزا تهفو إليه قلوب البشرية جمعاء على مر العصور والتاريخ.
اللهم احشرنا في زمرة أمير المؤمنين الحاكم بأمرالله عليه السلام وزمرة أبائه الأطهار وأبنائه الكرام الأبرار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

اللهم صلِّ وسلمّ على محمد وآل محمد كما صليت وسلمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

حمدان آل مخلص

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سيدنا آدم عليه السلام ؛ هل تزوج الأولاد بالبنات؟

رد الشبهات بالبراهين والبينات