أطهر الخلق (ذرية بعضها من بعض)
عادة ما تكون المعلومة التي يتلقاها المرء في صغره هي ما تكون البذرة التي تؤسس للقاعدة التي يتكون منها الفكر والمكون الثقافي لدى الإنسان وتصبح مع مرور الوقت كمُسلّمة لا تقبل النقض ولا النقاش من قريب أو بعيد وتكون الحالة الوثوقية في ذهنية الفرد أشد ما تكون في المجتمعات التي تعيش تحت نير الحكومات المستبدة والمجتمعات التي تعتمد الأحادية الفكرية والمذهبية وتهمش ما عداها كما هو حاصل في مجتمعاتنا العربية والإسلامية منذ أن اختطف المستبدون السلطة و جيروها لصالح أهوائهم ومصالحهم وتوجهاتهم الفكرية و ما يخدم توطيد أركان حكمهم ولو كان على حساب الحق أو على حساب الإسلام وأحكامه وشريعة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ووصاياه.
فالثقافة التلقينية أو بالأصح الاستبدادية تستند بشكل رئيس على
قولبة المجتمعات في قالب مفصل على القياس الذي يرغب به الحاكم وما تقتضيه مصالحه
عبر حقن النشء منذ صغره بأفكار الذل والاستعباد والصغار واعتبار كل ما يصدر من هذا
الفرعون وحاشيته وبلاطه هو الحق الذي لا مرية فيه
فيتلقى المرء منذ صغره حزمة
ثقافية فكرية معلبة معدة سلفا تجند السلطة كل أدواتها من أجل إعداد المجتمع لهضم
هذه المعلبات الفكرية دونما تدبر ولا إعمال للفكر ولا اعتبار للدليل والحجة والبرهان مما يجعل
من مهمة المفكرين والمصلحين مهمة غاية في الصعوبة وعملية شاقة ومضنية إذا ما أرادوا
توجيه المجتمعات إلى مصلحتهم وفتح آفاق فكرية جديدة تحسن من أوضاعهم فيصطدمون
بصخرة الدوغمائية التي أنشأتها السلطة ورسختها بدعامة التلقين في ذهنية هذا
المجتمع المستلب على جميع الأصعدة وتنتشر هذه العدوى حتى تصيب جميع شرائح
المجتمع ومكوناته ومدارسه ومشاربه ومذاهبه المختلفة
فيصبح هناك في كل شريحة وطائفة
مجموعة من المستبدين الذين استطاعوا تطويع محيطهم ومجتمعهم بحيث لايقبل إلا
تعاليمهم ولا يستسيغ إلا إرشاداتهم وإن كانت مخالفة للعدل والحق والمنطق.
ومن ضمن أهم القضايا التي شغلت المسلمين والعرب هي الإسلام
ومباحثه ومدارسه المتعددة وتاريخ الدول والحكومات الإسلامية منذ نشأة هذا الدين
العظيم إلى يومنا هذا مما كون تراثا حضاريا وفكريا وثقافيا وتاريخيا ضخما اشتغل به
أيضا غير المسلمين وكان رافدا مهما من روافد الفكر العالمي، ولكن الإشكال الذي
نواجهه نحن كعرب ومسلمين هو كيفية إصلاح بعض الاعتقادات الكارثية وزحزحة ما رسخ في
ذهنية المسلم من اعتقادات ظلت لقرون من المُسلّمات الراسخة رسوخ الأوتاد في أرض
الضلال الفكري فأنت مهما أوردت من أدلة دامغة وحجج طاردة لتلك الوساوس السلطوية
فستظل ذهنية المتلقي تخاف من التغيير الذي ينسف أفكارا واعتقادات محفورة في وعيه
لسنوات وعقود طويلة ولعل أهم هذه القضايا هو ما ترسخ في المخيال العربي والإسلامي تجاه
أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
فلو قلت لأحدهم أنهم كانوا مؤمنين طاهرين عليهما سلام الله فربما
هاجمك واتهمك في اختلال في عقيدتك وهذا مما يدعو للسخرية والأسى فعلا.
ولو قلت له أن بني أمية ومن تبعهم من بعدهم هم من اتهم آباء
الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الإتهام الشنيع المقزز لاتهمك فورا بمعاداة
الصحابة والإسلام.
وبعيدا عن كل هذا.
فهو لن يقتنع بأن بني أمية قد شوهوا كل مايمت للدين وبني هاشم
بصلة خاصة أنهم قد أمسكوا بمقاليد الحكم
ومفاصل الدولة فعاثوا في عقائد الناس وأفكارهم فسادا وتشويها وحاولوا
النيل من آباء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وسيدنا علي بن أبي طالب عليه السلام
بسبب مايحملونه من أحقاد جاهلية وإحن وثارات وأحقاد مازالت تعتمر في قلوبهم بسبب
معارك الإسلام التي انتصر فيها الرسول ووصيه عليهم الصلاة والسلام ومن والاهم من
المؤمنين مما ولّد في قلوب القوم أحقادا لم تطفئ جذوتها ماسفكته أيديهم من تقتيل وتسميم
ومطاردة للعترة الزكية وشيعتهم وما إن أمسكوا بالسلطة حتى قلبوا طاولة الدين وحرفوا الشريعة
وجعلوا آباءهم الذين عادوا الإسلام وكادوا له ممن حسن إسلامه وأقصد أبو سفيان وهند
بنت عتبة وصار آباء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهم أطهر البشر ومن حملوا
بسيد البشر وأكملهم صلى الله عليه وآله وسلم.
أقول إنهم جعلوهم من أهل الن...
وأستغفر الله العظيم من هذا الكفر والضلال.
فقلمي وقلبي لايطيعاني على كتابة هذا البؤس والشقاء والكفر الأموي
وإن كان ناقل الكفر ليس بكافر .ألا يكفي أن سيدتنا آمنة عليها السلام
حملت في بطنها المبارك هذا الرسول الكريم العظيم صلى الله عليه وآله وسلم أن يكون
سببا كافيا لتكون منبعا لكل طهر ومصدرا لكل نور يضيء قلوب المحبين والعارفين
والموالين والمؤمنين؟
وألا يكفي سيدنا عبدالله بن عبد
المطلب عليهم السلام أن يكون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من صلبه الطاهر
الممتد من سيدنا آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؟
إذا لم تكتفِ بهذا فاعلم أنه قد سيطر عليك شيطان السلطة وفكرها
الضال وأنك عبد لأهواء من آذى الله ورسوله، قال الله في محكم تنزيله:"إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم
الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا."
وهل هناك أذية أعظم من ظلم أبوي الرسول صلى الله عليه وآله
وسلم والعياذ بالله؟
وهل هناك شقاء وضلال أكثر من هذا؟
سحقا وبعدا للظالمين؛؛
وحتى لا يكون الكلام عابرا أو خاطرة ترد على البال، سنتحدث
بالأدلة التي يتعامى عنها علماء البؤس والضلال ويخفونها على عوامهم .وهنا لن أورد الأدلة الشيعية فموقفهم من
تطهير آباء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يحتاج معه لشاهد ولا دليل وإنما
الأدلة من كتب القوم المخالفين لعلها تقدح زناد التفكر في ذهن من يعتقد هذه
الإعتقادات الرديئة السيئة المردية المهلكة. عافانا الله مما ابتلاهم به.
ونبدأ مع هذا الحديث المبارك
حيث أورد السيوطي في الدر المنثور
الجزء الخامس، عن إبن عباس قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت : بأبى أنت وأمي أين كنت وآدم في
الجنة؟ فتبسم حتى بدت نواجذه ، ثم قال: "إنى كنت في صلبه ، وهبط إلى الأرض وأنا
في صلبه ، وركبت السفينة في صلب أبى نوح ، وقذفت في النار في صلب أبى إبراهيم لم
يلتق أبواي قطاً على سفاح لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام
الطاهرة مصفىً مهذباً لا تتشعب شعبتان إلاّ كنت في خيرهما".
وورد الحديث في عدة مصادر على اختلاف في الألفاظ حيث أورده
القاضي عياض في الشفا ، وابن كثير في السيرة النبوية ، والمتقي الهندي في كنز
العمال وغيرهم ناهيك عن مصادر الشيعة.
وهنا يجب أن تتنبه أيها القارئ الكريم أن الرسول صلى الله عليه
وآله وسلم يخبرنا بأنه انتقل من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة وهذا دليل
واضح وبيان ناصع وإشارة بينة بأن أبوي الرسول عليهم السلام طاهرين طيبين مباركين،
فكلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وحي لأنه لا ينطق عن الهوى يعضده قول
الله عز وجل:"وتقلبك في
الساجدين"، وقد أورد ابن كثير في تفسيره قول ابن عباس في هذه الآية روى البزار
، وإبن أبي حاتم من طريقين ، عن إبن عباس أنه قال في هذه الآية : يعني تقلبه من
صلب نبي إلى صلب نبي حتى أخرجه نبياً. وقد أورده كذلك الهيثمي في مجمع الزوائد والطبراني
في المعجم الكبير القرطبي في الجامع لأحكام القرآن
وأورد السيوطي في الدر المنثور
تفسير وقول مجاهد والشوكاني في فتح القدير وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق.
والعجيب في الأمر أنني عندما قرأت تفسير ابن كثير طبعة القاهرة
ووجدت قول ابن عباس وتفسيره لآية وتقلبك في الساجدين
اطلعت على نفس التفسير الذي طبع
في الرياض فلم أجد قول ابن عباس الذي ورد في نفس التفسير وأسقطوه من الطبعة
الوهابية وهذا تدليس وتلاعب بل وغباء أيضا
لأنك لاتستطيع إخفاء قول ابن عباس
وهو مستفيض وشائع في كل تلك المصادر بل وفي تفسير ابن كثير نفسه في العواصم
الإسلامية الأخرى وكذلك في كتابه البداية والنهاية وكذلك في السيرة النبوية فلم كل هذا
الخوف من اكتشاف الحقيقة التي هي من صالح المسلمين جميعاً.
فنقول إن هذه الأدلة
القطعية على طهارة أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإيمانهم من الكتاب والسنة
المطهرة ربما لن تعجب البعض.
وهذا دليل آخر أسوقه لكم لربما أُخفي عليكم كما أخف و أقول ابن
عباس في طبعتهم الوهابية، وهو حديث ابن عباس الذي أورده البيهقي في السنن الكبرى،
وهو أن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : "ما ولدني من سفاح أهل الجاهلية
شيء وما ولدني إلاّ نكاح كنكاح الإسلام".
وقد أورده السيوطي في الدر
المنثور والهيثمي في مجمع الزوائد والطبراني في المعجم الكبير وغيره.
فكل هذه الأدلة تقطع وتجزم بطهارة آباء الرسول صلى الله عليه
وآله وسلم وتطهرهم لأن الله قد عصمهم من الشرك والمشركين، قال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا إنما
المشركون نجس."
والرسول صلى الله عليه وآله وسلم أخبرنا أنه أتى من أصلاب
وأرحام طيبة طاهرة ، ولذلك فالشواهد القرآنية والحديثية
تثبت بما لايدع مجالا للشك بأن آباء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم طيبون طاهرون
موحدون على ملة سيدنا إبراهيم حنفاء مسلمون.
ولعل من نافلة القول أن نشير إلى قضية غاية في الأهمية وهي
الرؤيا التي رأتها سيدتنا آمنة عليه السلام بعد حملها بقدس الأقداس ونور المجرات
والأكوان المصطفى المختار صلى الله عليه وآله وسلم ، حيث أورد السيوطي في الدر المنثور هذا الحديث لرسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم ، عن أبي أمامة قال : قلت : يا رسول
الله ما كان بدء أول أمرك؟ قال : "دعوة إبراهيم وبشرى عيسى ، ورأت أمي
أنه يخرج منها نور أضاءت منه قصور الشام".
أورده ابن كثير في البداية
والنهاية وكذلك أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه والحاكم
النيسابوري في المستدرك وصححه على شرط مسلم.
وقد أورد ابن الأثير في الكامل في التاريخ وكذلك ابن كثير في
السيرة النبوية رواية ابن اسحاق، قال إبن إسحاق : "إن آمنة ابنة وهب أم رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم ، كانت تحدث أنها أتيت في منامها لما حملت برسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم( فقيل لها : إنك حملت بسيد هذه الأمة فإذا وقع بالأرض قولي أعيذه
بالواحد ، من شر كل حاسد ، ثم سميه محمداً ، ورأت حين حملت به أنه خرج منها نور
رأت به قصور بصرى من أرض الشام".
قال : عثمان بن أبي العاص ، حدثتني : أمي أنها شهدت ولادة آمنة
بنت وهب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم( فما شيء أنظر إليه من البيت إلا نور ، وإني
لأنظر إلى النجوم لتدنو ، حتى أني لأقول لتقعن عليّ.
ونحن نتساءل كيف ترى سيدتنا آمنة عليها السلام هذه
الرؤيا الصالحة وتأتيها البشارات بنبي الأمة لو لم تكن هي وزوجها عليهم السلام من
أطهر البشر وأعلاهم درجة وأسناهم فضيلة ونحن نعرف كلنا حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الرؤيا
الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة.
وهناك أبيات (تنسب) لسيدتنا آمنة عليها السلام عندما نظرت
لوجه ابنها المصطفى يشع بأنواره القدسية بأبيهم وأمي
فقالت:
بارك فيك الله من غلام :: ياابن الذي من حومة الحمام
نجا بعون الملك المنعام :: فودي غداة الضرب بالسهام
بمائة من إبل سوام :: إن صح ما أبصرت في منامي
فأنت مبعوث إلى الأنام :: من عند ذي الجلال والإكرام
تبعث في الحل وفي الحرام :: تبعث بالتحقيق والإسلام
دين أبيك البر إبراهام :: تبعث بالتخفيف والإسلام
أن لا تواليها مع الأقوام :: فالله أنهاك عن الأصنام
الله الله فدتهم الأرواح والأملاك ما أجمل هذه العبارات من هذه الطاهرة المطهرة التي آمنا بدعوة
ابنها المصطفى آمنة منبع الأمن والأمان وآمنا بأمن كلامها وطهرها وآمنا
بإشراقاتها تضيء أرواحنا وآمنا بسيدنا عبدالله الإمام العظيم والطاهر العفيف المطهر من
الذرية الطيبة المباركة من نسل إبراهيم الخليل ووصيه إسماعيل الجليل
عليهم صلوات ربي وسلامه أجمعين.
أخي المسلم؛
لن أجبرك على الخوض في الجدل وتتبع الأحاديث وعلم الرجال
والأسانيد فهم سيصدونك عن كل هذه الآيات البينات وسيأتونك بأحاديث وضعها الوضاعون
وحشرت في الصحاح كحديث أنس وأبي هريرة في مسلم والتي هي أحاديث باطلة فيها وجناية
عظيمة وإيذاء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولنحتكم إلى كتاب الله فهم
يستندون إلى دليل ظني المتن والدلالة، كحديث أنس في مسلم أن رجلا قال: يا رسول
الله أين أبي قال: في النار، فلما قفى دعاه، فقال إن أبي وأباك في النار والعياذ
بالله، فهذا
حديث آحاد والقوم يقرون في منهجهم أن الآحاد لا تقرر العقائد وهناك قرائن وأدلة
قطعية الثبوت والدلالة في كتاب الله تنسف هذه الأدلة الظنيات كقوله عز وجل في سورة الإسراء:"وماكنا معذبين حتى نبعث
رسولا".
فالله جل في علاه لا يظلم أحدا فتيلا
، فكيف استحق العذاب من لم يأته
نذير؟
قال الله في محكم تنزيله في سورة السجدة:"لتنذر قوما ما أتاهم
من نذير من قبلك لعلهم يهتدون".
إن موجب عدل الله أن لا يعذب إلا من كفر وعاند وشاقق المنذرين
والرسل ، كما ورد في سورة الملك قوله تعالى:"وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم و بئس
المصير، إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور تكاد تميّز من الغيظ كلما
ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير، قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا
ما أنزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير".
ولن يترك الله للخلق حجة عليه ويعذبهم دون إنذار ورسل ومبشرين،
كما قال عز وجل في سورة النساء: "رسلاً مبشرين ومنذرين لئلاّ يكون للناس على
الله حجةٌ بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما".
والأمر الأهم هو أن الظنية الدلالية في الحديث لا تعطيك
القطعية بأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان يقصد أباه الفعلي إذا سلمنا جدلا
بالحديث. فمن المعروف أن العرب كانت تسمي العم أبا
والشواهد والآيات القرآنية تثبت
ذلك ، كقوله
تعالى في سورة البقرة :"أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من
بعدي قالوا نعبد إلٰهك وإلٰه آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلٰهً واحدا ونحن له
مسلمون". فصار
إسماعيل من آباء يعقوب وهو عمه عليهم الصلاة والسلام
فلم لا تقولون أن رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم كان يقصد في الحديث عمه أبا لهب،
فأنتم لا تستطيعون الجزم بأن
المقصود سيدنا عبدالله عليه السلام هذا أصلا إذا سلمنا لكم بصحة الحديث ناهيك عن
ظنية متنه ودلالته.
مع وجود الآيات الصريحة الصحيحة قطعية المتن والدلالة ، وكما قال الله جل ثناؤه: "مافرطنا في الكتاب من
شيء". وهذا كتاب
الله يشهد بطهارة آباء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
ولكن هناك من سينبُذ كل هذه الأدلة من الكتاب والسنة حتى لا تتغير
هذه العقيدة الضالة الفاسدة، وهم كما قال الله تعالى: "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا"، ولكنني سأحيلك أيها المسلم إلى شغاف
قلبك وإلى فطرتك السليمة فبادر لتصحيح عقيدتك تجاه نبيك قبل الفوات ولات حين
مناص.
فكيف تقبل أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أبويه
الطاهرين وبأي وجه !!! ستقابله يوم الحساب
وأجزم أنه لو قيل لأحدهم أن آباءه
كفار مشركون مصيرهم النار لأقام الدنيا ولم يقعدها غضبا وفرقا ولرأيتموه يزمجر
ويرعد ويزبد ويصرخ كالمجنون من شدة الغضب
حمية وعصبية وهذه من
المفارقات العجيبة المحزنة حقيقة لأنه في نفس اللحظة تجده يرضى بذلك على رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم الذي لو اجتمع الغاضب وعشيرته بأكملها عن بكرة أبيهم ما عدلوا غبرة
تعلقت بحذاء سيد البشر صلى الله عليه وآله وسلم.
أيها المسلم؛
ألم تعلم أن عائشة روت عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قوله ، قال رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم ): "قال لي جبريل قلبت الأرض مشارقها ومغاربها
فلم أجد رجلاً أفضل من محمد ، وقلبت الأرض مشارقها ومغاربها فلم أجد بني أب أفضل
من بني هاشم". تفسير ابن كثير وورد في السيرة والبداية
والنهاية والجامع الصغير للسيوطي وغيره.
لا يوجد في مشارق الأرض ومغاربها أفضل من الرسول وآبائه وذريته
الطاهرة المباركة التي عمّت نورهم أركان الكون
وأضاءت إشراقاتهم ظلمة المجرات
واستفاضت حتى ارتقت بأرواحنا في رحاب الملكوت الرباني نستظل بهذه الدوحة الهاشمية من عناء السفر الدنيوي ونكد الدنيا
وهموم الحياة وكدرها فكلما ضاقت الصدور سجدنا للواحد القهار
وصلينا على المصطفى المختار وأهل بيته الأخيار الأطهار وآبائه الأئمة الأبرار صلوات ربي
وسلامه عليهم أجمعين فيذهب مافي القلوب من كدر وهموم وضنك
وتشعر بروحك وقد ارتقت بك إلى
عالم الروح والريحان والطمأنينة والسكينة والأمان وكأنك قد أخذت مقعدك في الجنان.
فهم النور والكمال والتمام
وهم ذروة سنام المجد والسناء
والشرف والكمال ولعمري قد صدق سيدنا أبو طالب عليه السلام (مؤمن قريش المظلوم) حين قال:
إذا اجتمعت يوما قريش لمفخر :: فعبد مناف سرها وصميمها
وإن حصلت أنساب عبد منافها :: ففي هاشم أشرافها وقديمها
وإن فخرت يوما فإن محمدا :: هو المصطفى من سرها وكريمها
فبادروا إلى هذه الدوحة النبوية
وارتقوا إلى علياء المعالي
العلوية
وادخلوا دار السلام الفاطمية واستقوا من
الينابيع الحسنية رزقكم الله الإشراقات الحسينية
وحشرنا وإياكم مع الذرية الهاشمية ورزقنا
جميعا فضل الدعوة الإبراهيمية وجعلنا ممن يشرب من الحوض والأنهار الملكوتية من يد المصطفى
الطاهرة القدسية شربة لانظمأ بعدهاولانحزن في رحاب ملكوتية.
وصلى الله صلاةً أبدية سرمدية على المصطفى المختار وآبائه والذرية
وبارك وسلم تسليما كثيرا
اللهم صلّ على سيدنا محمد وآل محمد كما صليت وسلمت وباركت
ورحمت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
حمدان آل مخلص
تعليقات