يوم المرأة المحلي
هل فعلا هو يوم للمرأة
؟
أم يوم للنفاق والتزلف والكذب على
حساب المرأة برفع هذه الشعارات البراقة والتباكي على ضرورة تحسين وضع المرأة على
حساب المرأة نفسها من أجل الرجل؟ ماذا تستفيد المرأة من تخصيص يوم يسمى بإسمها وتسويق الكذب بأن
ذلك انتصارٌ للمرأة وحقوقها المستلبة؟
كلهم يكذبون !
وأولهم الغرب وآلته الإعلامية والثقافة الإمبريالية التي صورت
أن المرأة تعيش أزهى عصورها في أوربا وأمريكا فقط أما عند المسلمين فهي تعيش الظلم
والاضطهاد والقهر والكبت وتصوير المرأة العربية كآلة تفريخ مقهورة، والكذبة الكبرى
هو إلصاق هذه الدعاية الكاذبة بتعاليم الإسلام والهَدْي النبوي المحمدي الطاهر،
والأمرّ من كل ذلك هو انجراف بعض القطيع من أبناء الأمة خلف هذه البروباغندا
الصهيونية المغرضة.
ودعونا نُعمل العقل ونتساءل، هل فعلا احترم الغرب المادي
المرأة وعاملها المعاملة التي تستحقها وأعطاها مكانة سامية كما يدعي؟ هل أدبيات
التيار المادي الغربي تنص على احترام كيان المرأة ؟
هل الممارسات التي نراها ونلمسها
بأنفسنا من تسليع رخيص للمرأة هي ما تطمح إليه كل امرأة مسلمة؟
فمنذ عهد الديانات الوثنية القديمة والمرأة كان هناك اعتقاد
لديهم أن المرأة يجب أن تخجل من كونها امرأة وهي تعتبر عندهم وسيلة لتسهيل حياة
الرجل وخدمته وقضاء حاجاته وعاطفته وشهوته
واستمر وضع المرأة من سيءٍ إلى
أسوأ ووصل لأسوأ حالاته في ظل سيطرة الكهنوت الكنسي النصراني في أوربا والغرب بشكل
عام، وعندما بدأ عصر التنوير الأوربي ظهرت الأصوات والحركات العلمانية والثورات
المطالبة بفك الارتباط بين الحكم والكنيسة ومحاربة هذا التسلط الديني باسم الرب،
واستطاعوا تحييد السلطة الكنسية بعد حروب دموية ممتدة وطويلة كلفتهم ثمنا باهضا
لقاء الحصول على حريتهم المزعومة، ومع ذلك بقي وضع المرأة على حاله كما هو رغم بعض الكتابات والمطالبات من بعض
المتنورين والفلاسفة إلا أن الغرب المتوحش لم يتحرر إلا سياسيا فقط أما
أخلاقيا فقد ظلت النظرة الدونية للمرأة هي التي تسيطر على المشهد العام واستمر
الوضع كذلك رغم بعض التحسن حتى منتصف القرن العشرين حيث خرجت وتعالت الأصوات
والحركات المطالبة بتحرير المرأة وخروجها لسوق العمل ومساواتها بالرجل ورفع الظلم
عنها، وكل هذا برعاية صهيونية ويهودية كاملة بأدوات مادية إلحادية لم يكن الهدف
منها هو نصرة المرأة ولا تحريرها من نير العبودية والقهر بقدر ما كان دعوة لتحريرها
من الشرف والأخلاق والدعوة للابتذال في تسليع رخيص للمرأة، وقد نجحوا في ذلك فعلا.
فالمرأة التي تملك القدرة على التعري وخلع رداء الحياء ولديها
القابلية لإهدار كرامتها وخلع ملابسها أمام شاشات التلفزة والفضائيات هي المرأة
الناجحة التقدمية المتحررة في نظر الغرب، وهي التي تستطيع النجاح في مؤسسات اليهود
الضخمة كهوليوود ودور العرض والأزياء العالمية التي تعرض النساء وتبيعهن وتستعبدهن
بعقودٍ مجحفة وكأنها دابة للاستهلاك وليست إنسانة لها كيانها وحقوقها ومشاعرها،
حتى ينعم أصحاب هذه المؤسسات بالأموال التي تدرها عليهم هذه الأعمال التي تسحق
المرأة ، ماذا عن
تجارة الرقيق الأبيض والتي يجري فيها أكبر انتهاك لجسد المرأة وعفتها وإجبارها على
ممارسة المحرمات و الخنى والخطف في أحيان كثيرة؟
وماذا عن التحرشات الجنسية التي
تتعرض لها المرأة الغربية في هذا الغرب الذي يدعي الحضارة واحترام حقوق المرأة؟ وخاصة في
دوائر العمل وحتى الطبيبات لم يسلمن من ذلك، فقد أعلنت دوائر الإحصاء الأمريكية أن ٣٨٦ ألف
امرأة تتعرض للاغتصاب سنويا، وأن من يبلغ عن حالات الاغتصاب والتحرش لا يتعدون ١٦
٪ فقط حسب ما أعلنت وزارة العدل الأمريكية، ناهيكم عن التفكك الأسري والأمراض
العضوية والجنسية المختلفة التي تفشت في مجتمعاتهم بسبب تفشي الرذيلة و الانحطاط
الأخلاقي تحت مسمى الحريات التي تحولت إلى وبال على مجتمعاتهم، حتى وصل الأمر إلى
تهريب ما يقارب من ٥٠ ألف امرأة وطفل واستجلابهم من شتى أنحاء العالم لممارسة
البغاء في بلاد الحريات المزعومة، هذا طبعا غير حالات الانتحار الرهيبة وخاصة بين
المراهقين والشباب والشابات بسبب حالة الضياع التي يعيشها هؤلاء المشتتون بسبب
تفكك الأسرة وانعدام التلاحم الأسري وانعدام وجود منظومة قيمية وأخلاقية تحث على
التراحم والمودة والرأفة بين الزوجين من جانب والعطف والحب والحنان بينهم وبين
أولادهم من جانب آخر وهذا ما يحثنا عليه الإسلام، لماذا تنجرف بعض التافهات خلف
هذه الهوة السحيقة، هل إكرام المرأة تسليعها وتحويل جسدها إلى مادة مستهلكة تعرض
على جانب الباصات والمطاعم ومحلات الأزياء حتى وصل الأمر بأن تكون على أغطية
معاجين الأسنان؟
دعونا نتريث قليلا ونعالج مشاكل المرأة مع التيارات المتشددة
والليبرالية بتأني وتروي وعدم الانجراف خلف قيم الغرب البائسة المنحطة ونسلط الضوء
عليها بضياء الشريعة المحمدية الطاهرة وفق تعاليم الإسلام الذي كفل لها الحرية
التي تحفظ كرامتها وشرفها وعفتها، فالإسلام وسنة سيد البشر صلى الله عليه وآله
وسلم غنية جدا بالقيم التي تعلي من شأن المرأة وتزخر بالدرر النفيسة التي تجعل
المرأة ملكة متوجة على عرش نساء الدنيا جميعهم، ألا يكفيكم أن الجنة تحت أقدام
الأمهات وليس الرجال؟
فهلا أقمنا يوما محليا إسلاميا للمرأة.
اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى أهل بيته الطيبين
الطاهرين وبارك وسلم
حمدان آل مخلص